أهم المهارات المطلوبة عالمياً في 2022

نشرت كورسيرا مؤخَّراً تقريراً عن أهمِّ المهارات الرقمية والبشرية المطلوبة من المؤسسات والشركات، والتي من المتوقَّع أن تحافظ على أهميَّتِها في العام 2022. تعتمد كورسيرا في تقريرها على نتائج مُستَخلَصة من 92 مليون طالب و2000 شركة من قطاع الأعمال و 3000 مؤسسة تعليم عال و230 مؤسسة حكوميّة يشكّلون شبكة عملائِها، ويعكسون تنوّعاَ جغرافيّاً ومهنيّاً واسعاَ على مستوى العالم، ممّا يعطي لنتائج التقرير مصداقيّةً عالية.

أين نحن الآن؟

يستهلّ التقرير استنتاجاتِه بأنّ الأتمتةَ وجائحة كوفيد-19 سيعيدان تشكيلَ العمل والمهارات المطلوبة في مختلف القطاعات حتى عام 2025. وعلى الرّغم من أنّه من المتوقع أن تقضي الأتمتةُ السريعة على 85 مليون وظيفة ٍ وتغيّر ما يُقارب 40% من مهارات العمّال إلّا أنّ الأبحاث تشير إلى استحداثِ ما يقارب 149 مليون وظيفة جديدة في القطاعات المرتبطة بالتكنولوجيا في الفترة نفسِها. لذا يمكننا القول أنَّ ما سيقدِّمه قطاع التكنولوجيا من فرص سيكون قادراً على سدّ فجوة الوظائف إذا عُمِلَ على تطوير المهارات.

في وقت يجب به الإشارةُ إلى أنَّ موجة َالاستقالاتِ الكبيرةِ التي حدثتْ عام 2021، تركت الكثير من الوظائف التي تحتاج مهارات عالية شاغرةَ. تشير إحدى الاستبانات أنّ 69% من الشركات حول العالم تقول: إنّها تعاني من نقص في المرشَّحين لوظائفها، وأنّ النقص في الموظفين لا يعود لنقصِ المرشَّحين فقط، إنّما لنقص المرشَّحين ذوي المهاراتِ العالية.

يذكُر التقرير أنّ 34% من طّلاب الجامعات الأمريكيّة يشعرون أنّهم لا يمتلِكون المهاراتِ المطلوبةَ في العمل، بينما 48% من المُوظَّفين في المملكة المتّحدة يعتقدون أنَّ الطّلاب يتخرَّجون في الجامعات دون مهارات رقميّة كافية. يشير التقرير إلى أنّه من أجل بناء قوة عاملة قويّة على المدى الطويل، لا بدَّ من العمل على توسيع وتطوير قطاع المهارات.

لسدِّ احتياجات القوى العاملة التي تشهد تحوّلاً كبيراً في السنوات الحاليّة، فإنّ المؤسّسات الحكوميّة ومؤسّسات التعليم العالي وشركات قطاع الأعمال -وهي القطاعاتُ التي يلجأ إليها الناسُ لتطوير أنفسِهم على الصعيدِ المهني -يجب أن تُعطي الأولويَّة للتعلُّم المُعتمد على المهارات. تشير الأبحاث أنّ 62% من المُوظِّفين قاموا بإجراءات رسميّة للانتقال إلى توظيفِ أصحاب المهارات، حتى أنّ قادة الأعمال -بما فيهم الرئيس التنفيذي لآبل – بدؤوا يرفضون فكرةَ ارتباطِ الكفاءة ِوالجدارة بالشهادة. فأصبحتِ المهاراتُ هي المؤهِّلات المُفضّلة للتوظيف بدلاً من سنوات الخبرة.

التعلُّمُ المعتمدُ على المهارات Skills-based learning يُقدّم تجاربَ تعلُّم مصمَّمة خصيصاً للاحتياجات الدقيقة للأفراد في كلّ مرحلة. هذا النّوع من  التعلّم يقدِّم ُالمعرفة المركّزةَ التي يحتاجُها المرشّح لدخول العمل، فهو يعتمد على الصِّلة بالعمل المطلوب، ويرّكز على المهارات التي يحتاجها، وهو ما يختلف عن أساليب التعلّم المفتوحة التي يتعلّم الفرد من خلالها عدّة دورات مفتوحة.

المهارات الأكثر نموّاً في 2022

  • المهارات الرقميّة

وتعني القدرة على استخدام الأدوات الرقميّة وتطبيقات التواصل، والشبكات للوصول إلى المعلومات وإدارتِها. ومع التحوُّل الرقميّ الذي تقوم به المؤسّسات والحكومات تزداد الحاجة لإتقان هذه المهاراتِ التي يُقصَد بها المهارات التقنيّة.

كما نلاحظ من الصورة أعلاه أنّ المهارةَ الرقميّة الأكثرُ نموّاً هي تصميمُ المنتج، والثالثةُ هي تصميمُ تجربة المستخدم؛ وذلك بسبب تنامي التجاربِ الرقميّة للمستخدمِين واعتمادِهم على المنتجاتِ الرقميّة والتسوّق عبرَ التجارة الإلكترونيّة

أصبحت هناك حاجةٌ أيضاً لمهارات تتعلَّق بالتعامل مع هذا الكَمِّ والحجم من قواعد البيانات ومشاركتِها وإظهارها وتحليلها، وهذا ما جعل هذه المهاراتِ تحتلُّ المركزَين الثاني والرابع في القائمة أعلاه. لم يعد التعامل مع البياناتِ مُقتصِراً على العلماء والخبراء بل أصبح اليوم مُحرِّكاً للأعمال ووسيلة للتواصل، و من المتوقَّع استخدامُها في صناعة قصّة عن أداء العمل من أجل مستثمرِين جُدد ، أو للبدء بحملة تسويقيّة.

بالإضافة لمهارات الأمن السيبراني وإعداد وتطبيق سياسات الحماية لحماية الشبكات والأنظمة والبيانات المتبادلة عبرها، كما تعتبر مهارات التعامل مع الحوسبة السحابية من الأمور المطلوبة بسبب توجه معظم الشركات لنقل أنظمتها إلى البيئات السحابية

  • المهارات البشريّة أو الناعمة

هذا النّوعُ من المهارات حيويٌّ جداً لأيّ قطاع، وعلى الرغم من أنّه ليس تقنيّاً إلّا أنّه لا يقلُّ أهميّة عنه، كما أنّه ليس أسهلَ للتعلّم.

تتضمّن المهاراتُ البشريّة المهاراتِ الإدراكيّة والاجتماعيّة والعاطفيّة كالإبداع والتفكير النقديّ وتحليل المعلومات واتخاذ القرار والتواصل. يمكن لبعض المهارات العاطفيّة في بعض الأحيان أن تُخلطَ مع الصّفات السلوكيّة مثل المرونة والتعاطف والذكاء العاطفيّ. ويشير التقرير إلى أنّه يعامِل هذه الصفات كمهارات للدلالة والتأكيد على أنّها قابلة للتعلّم.

تبعاً للتقرير، فإنّ هناك ثلاثة َأسباب أساسيّة للتسارع الكبير في الحاجة لهذه المهارات بالتحديد.

أولاً: الجائحة التي أدّت لزيادة الحاجة إلى مساحات ِعمل وديّة يسودها فهم الآخر وتقدير ظروفه واحتياجاته (Empathy)، لذلك أصبحت مهاراتُ التواصل مهمَّة في جميع مستويات العمل وللموظفين جميعِهم على اختلاف رُتبَهم ؛ لبناء ثقافة الاهتمام في مكان العمل.

ثانياً: العمل من المنزل لا يمكن أن يعتمد على وجود الموظَّفين في المكان نفسِه، لذلك أصبحت الحاجة مُلحّة لمهارات التواصل والتعاون.

ثالثاً: أتمتة الأعمال التقنيَّة المكرّرة تعني أنّ هناك قيمة أكبر للمهارات الإبداعية كحل المشكلات المُعقّدة ورواية القصص والتي لا يمكن للذكاء الصناعيّ والآلات القيام بها في المدى المنظور على الأقل.

ملاحظة: إنّ تطويرَ مهاراتِك في هذا المجال يضمَن لك حجز َمكانِك في سوق العمل في المستقبل.

الخلاصة

تطوير المهارات مَهَمًّةٌ مستمرَّة مدى الحياة

وفقًا لدراسة ـ Gartner ، يحتاج 58٪ من القِوى العاملة  إلى مجموعة مهارات جديدة للقيام بوظائفهم بنجاح. تشير الدراسة أيضاً إلى أنّ واحد من كلِّ ثلاث مهارات ذات صلة في عام 2017 لمتخصّصي تكنولوجيا المعلومات أو المالية أو المبيعات قد عفا عليهم الزمن اليوم

هذا الاتجاه مدعوم من قبل البحث الذي أجرته شركة Deloitte ، والذي يشير إلى أنّ المهاراتِ لها متوسِّط ُ​​عمر افتراضيّ أقلّ من خمس سنوات. ببساطة ، إنّ تطويرَ المهارات أمسى أمراً ملحّاً يوماً بعد يوم.

الاتجاهُ الرئيسيّ الآخر في المهارات البشريّة هو نموّ المهاراتِ التي تمكِّن الآخرين من التطوير أو إعادة التدرّب. يتّضح هذا في نمو ِّالمهارات البشرية مثل إدارة التغيير (المركز الثاني) ، التطوير المهنيّ (المركز الثالث) ، تنمية وتطوير الأفراد (المركز التاسع) ، والموارد البشريّة (المركز العاشر).

لا توجد مهارةٌ أو دورة واحدة يمكن أن تُبقي على مهنة مدى الحياة. تحتاج المؤسَّسات في عالم العمل الجديد إلى تعزيز عقليّة التعلّم مدى الحياة.

تدركُ الشركات هذه الحاجةَ، فقد وجد المنتدى الاقتصاديّ العالميّ أنّ 95 ٪ من الشركات في الولايات المتحدة و 98٪ في المملكة المتحدة  تخطّط لإعادة تدريب الموظّفين الحاليّين استجابةً لعملية التحوّل في احتياجات المهارات.

الاستثمارُ في رفع مستوى مهاراتِ فرق العمل (upskilling) بمحتوى عالميّ المستوى وتعلّم عمليّ يمكن أن يعزِّز الاحتفاظ بهم وخلق أماكن عمل أكثر جاذبية للمواهب، خاصّة عندما نعرف أنّ  34٪ فقط من الموظَّفين سعداءَ أو راضين عن استثمار  مؤسّساتهم في تحسين مهاراتِهم.

Related posts

Leave a Comment